المشهور عن المرأة أنها الأكثر نكداً في العلاقة الزوجية، ولكننا لا نستطيع أن نعمم هذه القاعدة في كل الزيجات، ففي بعض الأحيان يكون الرجل أكثر نكداً ورغبة في السيطرة وإملاء الشروط والقيود أكثر من المرأة، وفي كثير من الأحيان يكون حساساً جداً تجاه أي اختراق لأي من البنود التي فرضها، ودون أن يشعر يتسبب ذلك في توتر العائلة بأجمعها، ويتسبب في نكد مضاد من الطرف الثاني وهو الزوجة، ويضرم الحريق في جميع أنحاء المنزل، وسواء كنت أنت صاحب المعايير القاسية والقوانين الحاسمة في المنزل أو الطرف الثاني، فمن المهم أن تجدا حلاً يخفف من الضغط على كليكما.
أولاً: ابدأ بنفسك
في بعض الأحيان أنت بحاجة لرؤية الأشياء من زوايا مختلفة، لتشمل كل القضايا بنظرة موضوعية. لذا، أجب نفسك عن هذه الأسئلة
- هل تشعر أن الطرف الآخر لا يفهمك؟ هل تشعر أنك تواجه مشكلة سوء الفهم مع الجميع؟
- هل تصفك زوجتك، الأسرة أو الأصدقاء، بالقيم والمعايير العالية جداً؟
- هل أنت سريع الغضب تجاه أي تقصير؟
- هل تحتدم مناقشاتك وجدالاتك حول أية قضية مهما كانت طبيعتها؟
- هل يساورك شعور بأن الآخرين يحسدونك أو يشعرون تجاهك بالغيرة.
- هل تصاب بالإحباط بسهولة بمجرد أن تفاجأ بأن أمراً لم يتم كما تريده؟
- هل أنت متشدد في أي اقتراحات من الأسرة تجاه قضية مشتركة أو حتى خاصة بك؟
- هل تحتدم المشاكل بينك وبين زوجتك، لدرجة أنك تضطر في بعض الأحيان لترك المنزل لبضع ساعات؟
- هل أنت شديد التركيز والانتباه؟
- هل تنتقلان من أزمة لأخرى؟
- هل تعتذر إذا شعرت بأنك على خطأ؟
- هل تستمتع زوجتك معك بالنشاطات التي تقومان بها معاً؟
- هل تشعر أن زوجتك تقف إلى جانب الآخرين ضدك؟
- هل تشعر بأنه يستحيل أن تأمن لزوجتك على بطاقة ائتمانك؟
إجابتك عن معظم هذه الأسئلة ب«نعم»، لا تعني بالضرورة أنك شخص سيئ، وقد تعني أنك دقيق أكثر من اللازم، ولعلك تفتقد الأمان مع الشريك، مما يجعلك تعبر عن ذلك بأسلوب حاسم وقاسِ في كثير من الأوقات، ولكن كل ما عليك فعله ألا تبالغ في مثل هذه المسائل، وكما طرحت هذه الأسئلة على نفسك، أجب عنها فيما يخص شريك حياتك، فإذا كنتما متعادلين، فتأكد أن هذا ما يصنع المشاكل؛ لأنكما تعيشان حالة من شد الأعصاب طوال الوقت، وهذا يهدد السلام في منزلكما، ويخلق طاقة سلبية، تسيطر على تصرفاتكما تجاه بعضكما بعضاً.
عليكما الاسترخاء قليلاً ومحاولة الفصل ما بين ما هو ضروري التشدد فيه أو التساهل فيه وعدم إعطائه أكبر مما يستحقه.
ثانياً: استخدم ألفاظاً لطيفة
هل تسمع عن الكلمات السحرية «من فضلك، إذا سمحت، شكراً، أقدر لك هذا»، اجعله الأسلوب الذي يتبعه كل منكما مع الآخر، حاول أن ترسم الابتسامة على وجهك كلما دخلت على منزلك، أو كلما استقبلت زوجتك، سواء عدت من الخارج أو كان العكس.
إذا اخترقت الزوجة أحد قوانينك الحاسمة، في ما يتعلق بالعودة إلى المنزل أو ما شابه، فهذه ليست نهاية العالم، تفهم أسباب التأخير، فالوقت أحياناً يخرج عن سلطة الإنسان، لا تفسد متعة زوجتك أو أبنائك لمجرد أن المسألة ثانوية وقد لا تحدث إلا لمرة واحدة في العمر أو في السنة، وبدلاً عن المشاجرة والأسلوب الحاد بإمكانك توجيه كلمات لطيفة مثل، أنا لا أتحمل غيابك كل هذا الوقت، أرجوك ألا تغيبي عني كثيراً في المرات القادمة، كذلك استخدم نفس الأسلوب مع ابنك أو ابنتك وستشعر بمدى تأثير هذه الكلمات على الجميع، بحيث يلتزمون بقوانينك، دون أن يتذمروا من عجرفتك أو تشددك.
أيضاً، من أهم أسباب الصراعات داخل المنزل، هي أنك تعتقد أن الشخص المقابل لك يقرأ أفكارك ويفهم ماذا تريد، ولكنه يعاندك في الواقع، وببساطة شديدة قد لا يكون قد استوعب أوامرك أو ما ترمي إليه تماماً، لذا، احرص على وضوح كلماتك ومقاصدك.
استغل المجادلات العائلية لتفهم ما الذي يريده الشخص المقابل، وما أهدافه وما الذي يريد أن يصل إليه، اترك مساحة من الصمت لإعادة الهدوء للمجادلة، والتفكير فيما قاله الشخص المقابل وما الذي يرمي إليه، ثم ناقشه فيما قاله قبل أن تلقي الأوامر، أو تمعن في إطلاق التهديدات.
ركز على صوتك أثناء المشاجرة كثيراً، لا ترفع وتيرته، بل افرض على الشخص المقابل ذلك، من حيث التأكيد على أنك لا تفهم شيئاً من صراخه العالي، لذا عليه أن يتحدث بهدوء.
لا تتوغلا كثيراً في التفاصيل؛ لأنها تزيد من انزعاج كل طرف، قم بتحديد مواضيع رئيسية وأبرز نتائج كل واحدة منها، ثم أعط الحلول التي تعتقدها مناسبة، واسمع من الطرف الآخر ما الحلول الأفضل من وجهة نظره.
ثالثاً: اسأل نفسك
لماذا يجب أن تكون على حق دائماً، ولماذا يجب أن يكون كل شيء صحيحاً دائماً
جمال الأشياء في بعض الأحيان يأتي من عيوبها، هل تدرك هذه الحقيقة، فالدقة المتناهية والحرص على أن يكون كل شيء في مكانه الصحيح يخلق رتابة ومللاً، لذا، إذا أخطأت يوماً فهي ليست نهاية العالم، استمتع بخطئك، وحاول أن تجعله مغامرة جميلة تتعلم منها.
أظهر الشكر والحمد تجاه ما يقدمه لك الآخر، حتى لو كان به خطأ ما، فمبادرته الطيبة تكفي لغفران أي عيب أو خطأ لم يقصد فعله.
إن من أكثر أسباب النكد، الحرص على أن يكون الشيء مثالياً، فذلك يشعر أحد الأطراف بالراحة والقدرة على السيطرة، بينما في الواقع وعلى المدى الطويل يمهد أرضاً خصبة للصراعات والتحديات، رغبة في خرق سلطة أحد الأطراف.
لا شك أن أحداً لا يكره النظام، ولكننا في بعض الأحيان نحتاج لمتنفس منه، وطالما أن خرق النظام لن يؤثر على أشياء أساسية في حياة العائلة، كالإخلاص الزواجي أو حياة أي من أفرادها أو مستقبله، فلا شيء خطيراً ولا داعي للتشدد.
رابعاً: قدرتك على السيطرة تأتي من مهارتك في توزيع المسئوليات وتحمل المسئولية
القاء المسؤولية على شخص واحد في العائلة، ينشئ جواً من الضغوطات والصعوبات، تسبب المشاحنات والتوتر، وتفاقم المشاكل، لذا انتبه، عليك بتوزيع المسؤوليات في المنزل بعدالة بينك وبين شريك حياتك، ولكن دون تزمت أيضاً، فإذا كنت أنت مسؤولاً عن تسديد الفواتير في المنزل بشكل شهري، وتَسلّم أية تصليحات وتحسينات فيلا المنزل، فلاحظ أن مهمتك هي «شهرية»، وليست «يومية» كما الحال بالنسبة لزوجتك، من العناية بالمنزل ومهام المطبخ ورعاية الأطفال، عليك أن تملنحها مهمة شهرية مقابل أن تتسلم عنها مهمة يومية في وقت ما.
كما بإمكانك أن تعرض خدماتك خلال هذه الفترة، لتمنحها نوعاً من الدعم، والمعونة للقيام بمسئوليتها. فشعور أحد الأطراف أنه الضحية في العلاقة، يجعله يتمرد، وقد يكون ذلك بشكل خاطئ، مما قد يتسبب في إثارة المشاكل والمصاعب.
خامساً: إذا استمر تقصير الشخص المقابل.. فكن متسامحاً
لا داعي لأن تكون حياتكما أشبه بالمسطرة، كل شيء فيها يمشي حسب القياس الملائم، وإن حدث أي اختراق في القوانين، فجرب أن تكون متسامحاً مع الشخص المقابل.
أما إذا كان الطرف المقابل غير متسامح، فلا تمعن كثيراً في تقديم التبريرات، بل انتقده عندها بشدة على سلوكه، وقدم له نتائج تصرفه بأسلوب غير متسامح، وما قد يؤثره ذلك على حياتكما معاً.
عليكما أن تفكرا ما الأفضل، خلق أجواء متشاحنة ومستفزة، أم خلق بيئة مثالية متسامحة مقابل اختراق بعض القوانين التي - كما سبق أن ذكرنا- لن تؤثر على حياة أي فرد من أفراد العائلة، أو مستقبله، أو سمعته أو صحته.